المنظمات الدولية والإقليمية أداوت استعمارية فاحذروها

المنظمات الدولية والإقليمية أداوت استعمارية فاحذروها

في زخم أحداث غزة وفي خضم المجازر البشعة التي ترتكب بحق أهلها العزل دون أي رادع ، ومع كل حدث مشابه يلّمُ بأهل فلسطين خاصة أو أهل المنطقة المستضعفين بشكل عام ، تبرز الدعوات وتظهر المساعي من السياسيين الرامية الى استصدار قرار دولي من مجلس الأمن أو طلب عقد قمة عربية، كما تبرز الدعوة الى ضرورة حماية أهل فلسطين بواسطة قوات دولية ، فما جدوى هذه المساعي والقررات والقمم والمطالبات، هل لها كما يروج لها البعض بعدٌ سياسي ؟ وهل استصدار قرار يدين "اسرائيل" يمثل كسباً لجولة سياسية ؟ أم انها تمثل المهرب لهؤلاء السياسيين من اتخاذ الموقف الصحيح وتبرير تخاذلهم بالعمل في الأوساط السياسية الدولية والاقليمية ؟ وهل طلب استجلاب قوات دولية لحماية أهل غزة يعد مطلباً مشروعاً ويحمل مفتاح الخلاص لهم ؟

للإجابة على هذه التساؤلات لا بد لنا أن نقف بشكل سريع وموجز على واقع كل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية ، فهي المقصودة في هذا المقال دون سواها من المنظمات الدولية والإقليمية برغم أن غيرها يشترك معها في كثير من صفاتها ونشوئها وأهدافها .

· الأمم المتحدة ومجلس الأمن :
تعود نشأة الأمم المتحدة الى ما كان يعرف بالأسرة النصرانية وهي تجمع لدول أوروبا النصرانية للوقوف في وجه الدولة الإسلامية واستمرت هذه الأسرة مقتصرة على دول أوروبا الغربية فالشرقية على هذه الحال الى ضعف الدولة العثمانية فقبلت أن تضم الى صفوفها دولاً أخرى غير أوروبية لكن قواعد هذه المنظمة وما أصبح يعرف بالقانون الدولي بقيت هي هي لم تتغير وهي عبارة عن الاتفاقيات والمعاهدات التي عقدت بين الدول الأوروبية النصرانية ، فما يعرف بالأسرة الدولية لم تكن سوى أسرة أوروبية نصرانية ولم توجد الإ لأجل عداء الإسلام ودولته ، وما تسميتها بالأسرة الدولية سوى تزوير وتضليل وفرض للقيم والأعراف السائدة في أوروبا على بقية العالم .
وانبثق عن الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي وهو الجهة التنفيذية للأمم المتحدة وعلى مدى العقود السابقة أصبح مجلس الأمن يمثل الموقف الدولي ، فتستخدمه الدول الكبرى صاحبة التأثير في الموقف الدولي -صاحبة حق النقض الفيتو- لتنفيذ مخططاتها الدولية .

وجدير بالذكر أن هذه الدول غالباً ما تلجأ الى استصدار قرار من مجلس الأمن ليضفي الشرعية على تدخلاتها السياسية أو العسكرية في المناطق المختلفة باسم القوات الدولية أو قوات حفظ السلام او غير ذلك من المسميات .
وعلى مدى العقود المنصرمة كان مجلس الأمن مجرد أداة بيد الدول الكبرى تستخدمه كيفما شاءت ومتى شاءت، وبعبارة أخرى كان أداة استعمارية من الدرجة الاولى ، ظهر ذلك في قضايا فلسطين ولبنان والسودان والصومال وأفغانستان وغيرها ، ولما عجزت أمريكا جراء الصراع الدولي بينها وبين أوروبا من استصدار قرار بغزو العراق ضربت بمجلس الأمن وقرارته عرض الحائط دون مبالاة .

إذا كانت هذه السطور تعطي لمحة موجزة عن نشوء وحال الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، فالواقع المعاش يوميا في قضايا العالم المختلفة يعطي صورة أكثر وضوحاً ، واذا كانت الصورة بهذه الدرجة من الوضوح فأي عاقل يمكن أن يجعل استصدار قرار من مجلس الأمن لإدانة جرائم "إسرائيل" في غزة أو استجلاب قوات دولية مطلباً له ، وما قيمة هذه القرارت وهل تمثل شيئاً سوى التبعية للغرب ورهن قضايانا ومصيرنا بقراراته ؟!وإذا كانت هذه الهيئة قد قامت لعداء الإسلام وحرب دولته فهل يرجو مسلم الإنصاف لديها وهي مكرسة لحربه وحرب دينه ؟!

واما القوات الدولية سيئة الذكر فلا يخفى على أحد انها استعمار بوجه آخر ، وانها تخدم المخططات الإستعمارية ، وما ادعاء حماية الإنسان وحقوقه سوى مجرد اكاذيب وتضليل وتزوير للحقائق ، فلم تغب عن الأذهان بعد المجازر التي ارتكبت تحت سمع وبصر القوات الدولية في سبرينتشا وغيرها ، وتلك تجربتها في الصومال سابقاً وتسخير أمريكا لها لتحقيق مآربها ، فأينما حلت هذه القوات أو ارتحلت كانت تخدم مخططات الدول الكبرى ولم يكن تحركها البتة لصالح قضايا العالم او رأفة ورحمة بالمستضعفين ، فالمطالبة بالوصاية الدولية ليس الإ تكرار لمشهد الإنتداب والإحتلال ، فهل يكون خلاص أهل فلسطين وغزة عبر احتلالها من قوات متعددة الجنسيات ؟! هل لعاقل أن يستجير بالرمضاء من النار ؟! ما لكم كيف تحكمون ؟!

أما من ناحية شرعية فقد حرم الإسلام التحاكم لأية جهة غيره في الشؤون الداخلية والخارجية وقد أطلق الإسلام لفظ الطاغوت على كل ما سواه من المصادر والمراجع وإعتبر التحاكم لغيره منافٍ للإيمان بل إن القائم به يزعم الإيمان زعماً كاذباً ، قال سبحانه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا) .

كما حرم الإسلام الإستعانة بالقوات الدولية عبر تحريمه الإستعانة بقوات الكافرين على اختلاف مللها ونحلها ، حيث قال عليه السلام (لا تستضيئوا بنار المشركين) والاستضاءة بالنار كناية عن الحرب ، وقال عليه السلام (إنا لا نستعين بالمشركين) .

· الجامعة العربية:

مشروع الجامعة العربية لم يظهر إلا بعد هدم الدولة الإسلامية التي كانت تجمع هذه الدول في عقد واحد ، وكان أساس الوحدة قائماً على أساس العقيدة ، وبعد هدم الدولة الإسلامية وبعد تحكم الإستعمار في بلاد المسلمين وبعد إقدامه على تفتيتتها الى دويلات متفرقة متناحرة جراء اتفاقية اقتسام الغنائم المعروفة باسم اتفاقية سايكس-بيكو ، وخدمة لمصالح إنجلترا الدولة الكبرى آنذاك سعى هؤلاء الى جمع هذه الدول في منظمة إقليمية تقوم على اساس وحدة العرق لا الدين فأنشؤوا ما أصبح يعرف بالجامعة العربية ، ويمثل هذا المشروع الإستعماري منفذاً للدول الكبرى الى الدول العربية وبديلاً عن أي وحدة حقيقية .

وعلى مدى العقود السابقة أدرك القاصي والداني عقم هذه الجامعة وانشغال أعضائها بخلافاتهم الداخلية وأنها لم تكن فاعلة إلا فيما يخدم قضايا المستعمر وخلاف ذلك فقراراتها ليست سوى مجرد نثر أو خطابات مبتذلة .

وما حمى المطالبة بعقد قمة عربية اليوم من بعض الحكام بشان أحداث غزة سوى حلقة من حلقات الصراع الممتد دولياً بين أعضاء هذه الجامعة وليس حباً أو شفقة على أهل غزة .

والجامعة العربية منظمة غير مشروعة إذ انها تقوم على أساس الحفاظ على سيادة كل دولة مع ان الإسلام يوجب إندماجها جميعاً في كيان واحد ويحرم ما يمسمى اليوم بالإستقلال ويحرم تكريس الوحدة والفرقة ، كما قال عليه السلام (من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه كائناً من كان) ثم إنها تجعل أصل الرابطة فيما بينها هي العصبية القبلية وهو ما يعرف بالعروبة في حين يجعل الإسلام الأخوة قائمة على أساس العقيدة (إنما المؤمنون أخوة) .

من ذلك كله نخلص الى أن اللجوء الى مجلس الأمن أو الجامعة العربية يعد انتحاراً سياسياً وتضييعاً لدماء الشهداء وتضحياتهم وهو لجوء غير مشروع وتضييع للقضية برمتها، وإن خلاص غزة وفلسطين لا يكون بالتعامل معها كقضية مستقلة عن الأمة الإسلامية بل باعتبارها قضية للأمة الإسلامية ولا بد من التعاطي معها وفق أحكام الإسلام بإعتباره دين أهلها وشريعتهم، وإن تحرك جماهير المسلمين من أقصى الأرض الى أقصاها ليؤكد ان هذه القضية هي قضية المسلمين لا الفلسطينين فحسب وإن واجب المسلمين سيحتم عليهم التحرك عاجلاً غير آجل لتحرير غزة وفلسطين ، وسيأتي اليوم الذي تحرر فيه جحافل المسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وأكنافه من رجس يهود ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً .

أثر الأزمة المالية العالمية على البلدان العربية

أثر الأزمة المالية العالمية على البلدان العربية

لعقد مضى أو يزيد ظن البعض بأن العالم سيشهد تطوراً ونمواً هائلاً جراء تحوله الى قرية كونية صغيرة ، وظن آخرون بأن العولمة ستشكل إقتصاداً عالمياً حراً نزيهاً يقود الجميع نحو الرفاهية والتطور والنمو الإقتصادي ، وحررت لأجل ذلك الإتفاقيات التجارية ، كاتفاقية الجات التي تحولت الى ما أصبح يعرف بمنظمة التجارة العالمية التي هدفت الى إزالة القيود التجارية على رأس المال الأجنبي والسماح له بل تقديم المعونات والتسهيلات له للإستثمار كيفما شاء ومتى شاء ، يستثمر بل يتلاعب في الثروات الطبيعية وفي أرزاق الناس وغيرها من مصالح البلاد الحيوية ، وانخرطت الدول العربية في هذه الإتفاقية وغيرها كحال بقية دول العالم سيما العالم الثالث الذي لا حول له ولا قوة ولا سيادة حقيقية له على إقتصاده وقراراته الاستراتيجية . بيد أن الزمان لم يطل حتى تكشف للبشر حقيقة ما أقدموا عليه فانقشع الغمام وزالت الأقنعة وظهر للجميع حقيقة الوجه القبيح الذي تخفيه الرأسمالية وظهرت نذر العولمة التي حملت للناس الدمار والهلاك الإقتصادي ، فلقد أسفرت العولمة –وهي النموذج المطور من النظام الإقتصادي الرأسمالي- عن حقيقتها بأنها لا تجلب سوى نهب الثروات والخيرات والجهود والعقول وترمي الى تسخير البشر لخدمة كبراء المال لديها ، ولكنّ جشع هؤلاء قد أودى بهم كحال من سبقوهم الى واد سحيق ، فها هي أمريكا صاحبة لواء الرأسمالية تعاني أشد المعاناة مما حل بها من أزمة مالية خلفها نظامها الرأسمالي . لكن هذه الأزمة –وللأسف- لم تقتصر على الإقتصاد الأمريكي فقط بل تعدته لتعم معظم إقتصاديات العالم من شرقه الى غربه ومن شماله حتى جنوبه فكانت كالجراد المنتشر الذي لم يبق على شيء في طريقه إلا أهلكه فتركه كهشيم المحتظر .

ويعود تأثر إقتصاديات العالم ومنه البلدان العربية بالأزمة المالية العالمية الى أسباب عدة منها :

1. اعتماد دول العالم ومنها الدول العربية على الدولار كغطاء نقدي لعملاتها مما يجعلها رهن التقلبات والتغييرات في الإقتصاد الأمريكي وخصوصاً بعد فك ارتباط الدولار عن الذهب في بداية سبعينات القرن الفائت .

2. ارتباط اقتصاديات العالم بالشركات المتعددة الجنسيات التي غزت العالم باسم العولمة مما جعل بعضها مجرد مزرعة للشركات الأمريكية الضخمة .

3. استثمار دول العالم ومنه الدول العربية في الأسواق والبورصات الأمريكية بمبالغ هائلة لا سيما في سندات الخزينة الأمريكية .

4. اعتبار الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مستورد لصادرات بعض الدول كالصين واليابان مثلاً مما يجعل اختلال الإقتصاد الأمريكي ودخوله في مرحلة ركود او كساد يؤدي الى تأثر اقتصاديات هذه الدول بصورة مباشرة وقوية .

5. الهيمنة السياسية للولايات المتحدة الأمريكية على قطاع كبير من أنظمة الحكم في العالم سيما دول العالم الثالث ومنه الدول العربية مما يؤدي الى ارتهان مصير هذه الدول ونموها الأقتصادي بيد أصحاب القرار في واشنطن .


هذه بعض الأسباب التي عكست الأزمة المالية في أمريكا على العالم والدول العربية على وجه الخصوص ، فالدول العربية كانت ولا زالت جزءاً من المنظومة الإقتصادية العالمية الرأسمالية تتأثر بما يصيب هذه المنظومة من اضطرابات مالية وهزات إقتصادية وهي ليست في منأى عن هذه الأزمات –كما توهم البعض- كما أن جزئية الدول العربية في هذه المنظومة تختلف عن غيرها باعتبارها تملك أثمن سلعة للإقتصاد العالمي وهو النفط وهي في نفس الوقت ضعيفة سياسياً وصناعياً مما يجعلها مطمعاً لكل ناهب وغنيمة لكل سالب .

أما عن آثار هذه الأزمة على الدول العربية فلإلقاء الضوء على هذه الآثار يمكن أن نقسم الدول العربية من حيث حجم تأثرها بهذه الأزمة الى قسمين رئيسيين ، وهما : الدول النفطية الغنية ممثلة بدول مجلس التعاون الخليجي والتي نالت حصة الأسد من تأثير هذه الأزمة على الدول العربية ، والدول غير النفطية المتبقية سواء الفقيرة منها او متوسطة الدخل وكان تأثرها أقل نسبة للقسم الأول .
أما تأثير الأزمة على الدول النفطية الغنية التي صنفها البعض بأحد أكبر الخاسرين عالمياً جراء هذه الأزمة فتتمثل في الأمور
التالية :

1. تعرضها للخسارة المالية جراء استثمار أموالها في المؤسسات المالية الأمريكية وقد قدرت بعض الإحصائيات الخسائر التي لحقت بدول الخليج جراء الأزمة الراهنة بحوالي 2.2 تريليون دولار وهذا الرقم هو أكثر من ضعف ناتج دول الخيج المحلي البالغ 900 مليار دولار .

فقد صرح الأمين العام لمجلس الوحده الاقتصاديه العربيه أحمد جويلي بتاريخ 29 تشرين ثاني ونشرته صحفية ("الحياة" اللندنية) بأن الخسارة المتوقعه للاقتصاد العربي نتيجه الازمه الماليه العالميه يبلغ نحو 2.5 تريليون دولار اميركي .

ويذكر أن الصناديق السيادية التابعة لدول الخليج والتي تتكون من عائدات النفط والاحتياطيات النقدية الأجنبية قد خسرت وفق بعض التقديرات والإحصائيات ما يقارب 400 مليار دولار بحسب صحيفة الأكونومست الصادرة بتاريخ 13نوفمبر 2008 ، وتملك دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر صندوق سيادي في العالم بمبلغ قدره 968 مليار دولار ، والسعودية 370 مليار ، والكويت 264 مليار ، ولقطر وعمان والبحرين صناديق سيادية بمبالغ أقل من نظرائها .

وتعود خسارة هذه الصناديق الى الاستثمارات في كثير من المؤسسات والبنوك الأمريكية التي تعرضت للأزمة بصورة مباشرة وكمثال على ذلك نورد أمثلة لمساهمات صندوق مركز أبو ظبي للاستثمار وصندوق الأجيال القادمة الكويتي في رأس مال الشركات الأجنبية *:
مركز أبو ظبي للإستثمار :% من إيستيرن أوروبيان البريطانية4.9% من ستي غروب الأميركية9% من أبولو مانجمنت الأميركية3% من فيفالدي الفرنسية2% من ميدياسات الإيطالية3% من سوني اليابانية
صندوق الأجيال القادمة:23.8% من فكتوريا السويسرية6% من ستي غروب الأميركية7.2% من دايملر (ميرسدس) الألمانية4.8% من بنك ميريل لنش الأميركي.
2. الإنخفاض الحاد والمستمر في البورصات الخليجية مما كبد هذه الأسواق خسائر قياسية فقد بلغت خسارة الأسواق الخليجية أكثر من 17% في شهر سبتمبر لوحده واستمرت الخسارة في الأشهر التي تلتها .

3. انخفاض سعر برميل النفط مما يؤدي الى اختلال في التوازن الاقتصادي وتقليل حجم النمو فقد توقع أحمد الجويلي في التصريح السابق تقلص نسبة النمو في الدول العربية بسبب انخفاض سعر النفط من 5% الى 3% ، كما أن انخفاض سعر برميل النفط أثر على ميزانيات دول الخليج لعام 2009 وعلى الخطط العشرية لهذه الدول التي بنتها على توقع أن يكون الحد الأدنى للبرميل يتراوح بين 80 و 90 دولار ، و إنخفاض سعر برميل النفط سيؤدي الى تقلص النفقات الحكومية مما سيصيب قطاعاً عريضاً من أوساط الناس في مجالات الصحة والتعليم والغذاء ، هذا وتوقعت مؤسسة ميريل لينش المصرفية الأميركية، تهاوي أسعار النفط، إلى حوالي 25 دولاراً فقط للبرميل العام المقبل ، وأرجعت المؤسسة هذه التوقعات إلى تقلص الطلب على النفط في الدول الكبرى المستهلكة لهذه السلعة الإستراتيجية وعلى رأسها الولايات المتحدة، جراء الركود الاقتصادي .

4. تعطل وتعرقل بعض من المشاريع الضخمة سيما في دولة الإمارات العربية المتحدة وكذا بقية دول الخليج والتي تقوم بها كبرى الشركات العقارية والشركات النفطية التي تأثرت تأثراً كبيراً بالأزمة حتى أن أسهمها قد فقدت أكثر من ربع قيمتها الى الآن، كما ان ارتفاع أسعار مواد البناء أدى الى زيادة باهظة في تكاليف المشاريع الجديدة.

5. الأتاوات التي تفرضها الدول الكبرى على دول الخليج القاضية بضرورة تقديم المعونات المستعجلة للدول الكبرى ومؤسساتها المالية المتعثرة ، بإعتبار هذه الدول مخزناً للنفط والمال وتمثل ذلك في الجولة الخليجية التي قام بها رئيس الوزراء البريطاني غوردن بروان بتاريخ 2/11/2008 وزيارة نائب وزير المالية كيميت التي سبقتها بتاريخ 28/10/2008 ، وبسبب الضعف السياسي التي تعانيه الدول العربية وارتباطها سياسياً وإقتصاديا بالغرب فقد استجاب الحكام وأصحاب القرار لهذه الضغوط الغربية حتى وصل الحال ببعض المسؤولين الخليجيين بالتصريح قائلاً أن إنقاذ الإقتصاد الأمريكي يمثل دعماً للإقتصاد المحلي ، ولا شك أن هذه الأتوات تلقي بكاهلها الثقيل على الأقتصاد المحلي فبدل أن تقدم هذه الحكومات الأموال لإنقاذ مؤسساتها وشركاتها المتعثرة والتي تعاني من آثار الأزمة العالمية تقدمها هذه الدول للشركات الأمريكية والأوروبية ودعماً للإقتصاد الغربي .

وبالمجمل فقد قدر بعض الخبراء الإقتصاديين الخسائر التي تعرضت لها دول الخليح بـ 50% من استثماراتها المحلية والدولية على مستوى الدول والأفراد.

أما تأثير الأزمة المالية على بقية الدول العربية فهي وإن كانت أقل تأثراً بهذه الأزمة بسب عدم ولوغ هذه الدول في التجارة العالمية بسبب فقرها وضعفها الإقتصادي فهي فتشترك مع غيرها من دول الخليج في بعض الآثار وتفترق عنها في أمور ، من هذه الآثار :

1. ارتفاع معدلات التضخم عن المستويات القياسية ، التي تناولت خصوصاً أسعار العقارات والمساكن، بسبب التضخم المستورد من الخارج ، وانعكس ذلك زيادة في أسعار المواد الغذائية ومواد البناء.

2. خسارة بعض هذه الدول التي لحقت بصناديقها السيادية المتواضعة نسبة لدول الخليج كليبيا والجزائر وموريتانيا.

3. ضياع أموال هذه الدول المستثمرة في أمريكا وانعكاس ذلك على المواطن العادي في راتبه التقاعدي وفي مجالات الصحة والغذاء لا سيما وان هذه الدول لا تملك مصدراً ثابتاً يدر عليها الأموال كدول الخليج التي تصدر النفط بل تستثمر هذه الدول من أموال فقراء رعاياها الذين يكافحون من أجل تحصيل لقمة العيش .

4. توقع ضعف المعونات الخارجية من الدول الغرب وصندوق النقد والبنك الدوليين ، واعتماد عدد من الدول العربية كالمعونات المقدمة من الولايات المتحدة الامريكية لكل من مصر والأردن وغيرهما.

هذه بعض الآثار التي ألمت بالبلدان العربية إثر الأزمة المالية الراهنة ، وجراء هذا الآثار الكارثية تعالت بعض الأصوات هنا وهناك تدعو لوضع خطط لإنقاذ إقتصاد البلدان العربية من الإنهيار الشامل ، والحقيقة لا مناص منها أن الدول العربية بشكلها الراهن وبأوضاعها السياسية والإقتصادية الحالية غير قادرة على مواجهة هذا الإعصار المالي ، بيد أنها تملك ، لو وحدت كلمتها وطبقت النظام المالي الإسلامي في ظل دولة الخلافة ، الحل لجميع مشاكلها .

فلديها المساحات الزراعية الشاسعة التي لو زرعت لكفتها ذاتياً من حيث المحاصيل الزراعية والغذائية والسودان بلد الخير خير مثال على ذلك ، فمساحته الصالحة للزراعة تبلغ 200 مليون فدان وهي تكفي لسد احتياجات العالم العربي الغذائية لو أحسن استخدامها.

ولديها النفط ، عمود الصناعات الفقري ، فيمكنها ان تستغله خير استغلال بما يحقق لها مصالحها ، وكل ما يتطلب بها سياسية نفطية غير متأثرة بإرادة الدول الصناعية الكبرى بل سياسة ذاتية تحقق مصالح المسلمين .

ولديها الموقع الاستراتيجي الهام من مضيق هرمز الى خليج عدن الى قناة السويس ، وهذا يجعلها قطب الرحى للتجارة الدولية فبدونها لا اتصال بين قارات العالم المختلفة .

ولديها الثروات الكامنة والهائلة المدفونة تحت الأرض وفوقها كالمعادن في كل من الأردن واليمن و....
ولديها الطاقات البشرية والعلماء الرائدين في كل حقول العلوم الطبيعية ولكنهم بحاجة الى حضن دافئ يضمهم فيقدموا لأمتهم أضعاف ما قدموه للغرب .

فالدول العربية تملك مفتاح حل هذه الازمة ليس على المستوى الإقليمي بل على المستوى العالمي إن هي كونت نواة دولة إسلامية تحمل الإسلام كمشروع حضاري وتطبق النظام الإقتصادي العادل الذي يوفر لهم وللبشر حياة آمنة مطمئنة .