المنظمات الدولية والإقليمية أداوت استعمارية فاحذروها

المنظمات الدولية والإقليمية أداوت استعمارية فاحذروها

في زخم أحداث غزة وفي خضم المجازر البشعة التي ترتكب بحق أهلها العزل دون أي رادع ، ومع كل حدث مشابه يلّمُ بأهل فلسطين خاصة أو أهل المنطقة المستضعفين بشكل عام ، تبرز الدعوات وتظهر المساعي من السياسيين الرامية الى استصدار قرار دولي من مجلس الأمن أو طلب عقد قمة عربية، كما تبرز الدعوة الى ضرورة حماية أهل فلسطين بواسطة قوات دولية ، فما جدوى هذه المساعي والقررات والقمم والمطالبات، هل لها كما يروج لها البعض بعدٌ سياسي ؟ وهل استصدار قرار يدين "اسرائيل" يمثل كسباً لجولة سياسية ؟ أم انها تمثل المهرب لهؤلاء السياسيين من اتخاذ الموقف الصحيح وتبرير تخاذلهم بالعمل في الأوساط السياسية الدولية والاقليمية ؟ وهل طلب استجلاب قوات دولية لحماية أهل غزة يعد مطلباً مشروعاً ويحمل مفتاح الخلاص لهم ؟

للإجابة على هذه التساؤلات لا بد لنا أن نقف بشكل سريع وموجز على واقع كل من الأمم المتحدة ومجلس الأمن والجامعة العربية ، فهي المقصودة في هذا المقال دون سواها من المنظمات الدولية والإقليمية برغم أن غيرها يشترك معها في كثير من صفاتها ونشوئها وأهدافها .

· الأمم المتحدة ومجلس الأمن :
تعود نشأة الأمم المتحدة الى ما كان يعرف بالأسرة النصرانية وهي تجمع لدول أوروبا النصرانية للوقوف في وجه الدولة الإسلامية واستمرت هذه الأسرة مقتصرة على دول أوروبا الغربية فالشرقية على هذه الحال الى ضعف الدولة العثمانية فقبلت أن تضم الى صفوفها دولاً أخرى غير أوروبية لكن قواعد هذه المنظمة وما أصبح يعرف بالقانون الدولي بقيت هي هي لم تتغير وهي عبارة عن الاتفاقيات والمعاهدات التي عقدت بين الدول الأوروبية النصرانية ، فما يعرف بالأسرة الدولية لم تكن سوى أسرة أوروبية نصرانية ولم توجد الإ لأجل عداء الإسلام ودولته ، وما تسميتها بالأسرة الدولية سوى تزوير وتضليل وفرض للقيم والأعراف السائدة في أوروبا على بقية العالم .
وانبثق عن الأمم المتحدة مجلس الأمن الدولي وهو الجهة التنفيذية للأمم المتحدة وعلى مدى العقود السابقة أصبح مجلس الأمن يمثل الموقف الدولي ، فتستخدمه الدول الكبرى صاحبة التأثير في الموقف الدولي -صاحبة حق النقض الفيتو- لتنفيذ مخططاتها الدولية .

وجدير بالذكر أن هذه الدول غالباً ما تلجأ الى استصدار قرار من مجلس الأمن ليضفي الشرعية على تدخلاتها السياسية أو العسكرية في المناطق المختلفة باسم القوات الدولية أو قوات حفظ السلام او غير ذلك من المسميات .
وعلى مدى العقود المنصرمة كان مجلس الأمن مجرد أداة بيد الدول الكبرى تستخدمه كيفما شاءت ومتى شاءت، وبعبارة أخرى كان أداة استعمارية من الدرجة الاولى ، ظهر ذلك في قضايا فلسطين ولبنان والسودان والصومال وأفغانستان وغيرها ، ولما عجزت أمريكا جراء الصراع الدولي بينها وبين أوروبا من استصدار قرار بغزو العراق ضربت بمجلس الأمن وقرارته عرض الحائط دون مبالاة .

إذا كانت هذه السطور تعطي لمحة موجزة عن نشوء وحال الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، فالواقع المعاش يوميا في قضايا العالم المختلفة يعطي صورة أكثر وضوحاً ، واذا كانت الصورة بهذه الدرجة من الوضوح فأي عاقل يمكن أن يجعل استصدار قرار من مجلس الأمن لإدانة جرائم "إسرائيل" في غزة أو استجلاب قوات دولية مطلباً له ، وما قيمة هذه القرارت وهل تمثل شيئاً سوى التبعية للغرب ورهن قضايانا ومصيرنا بقراراته ؟!وإذا كانت هذه الهيئة قد قامت لعداء الإسلام وحرب دولته فهل يرجو مسلم الإنصاف لديها وهي مكرسة لحربه وحرب دينه ؟!

واما القوات الدولية سيئة الذكر فلا يخفى على أحد انها استعمار بوجه آخر ، وانها تخدم المخططات الإستعمارية ، وما ادعاء حماية الإنسان وحقوقه سوى مجرد اكاذيب وتضليل وتزوير للحقائق ، فلم تغب عن الأذهان بعد المجازر التي ارتكبت تحت سمع وبصر القوات الدولية في سبرينتشا وغيرها ، وتلك تجربتها في الصومال سابقاً وتسخير أمريكا لها لتحقيق مآربها ، فأينما حلت هذه القوات أو ارتحلت كانت تخدم مخططات الدول الكبرى ولم يكن تحركها البتة لصالح قضايا العالم او رأفة ورحمة بالمستضعفين ، فالمطالبة بالوصاية الدولية ليس الإ تكرار لمشهد الإنتداب والإحتلال ، فهل يكون خلاص أهل فلسطين وغزة عبر احتلالها من قوات متعددة الجنسيات ؟! هل لعاقل أن يستجير بالرمضاء من النار ؟! ما لكم كيف تحكمون ؟!

أما من ناحية شرعية فقد حرم الإسلام التحاكم لأية جهة غيره في الشؤون الداخلية والخارجية وقد أطلق الإسلام لفظ الطاغوت على كل ما سواه من المصادر والمراجع وإعتبر التحاكم لغيره منافٍ للإيمان بل إن القائم به يزعم الإيمان زعماً كاذباً ، قال سبحانه (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا) .

كما حرم الإسلام الإستعانة بالقوات الدولية عبر تحريمه الإستعانة بقوات الكافرين على اختلاف مللها ونحلها ، حيث قال عليه السلام (لا تستضيئوا بنار المشركين) والاستضاءة بالنار كناية عن الحرب ، وقال عليه السلام (إنا لا نستعين بالمشركين) .

· الجامعة العربية:

مشروع الجامعة العربية لم يظهر إلا بعد هدم الدولة الإسلامية التي كانت تجمع هذه الدول في عقد واحد ، وكان أساس الوحدة قائماً على أساس العقيدة ، وبعد هدم الدولة الإسلامية وبعد تحكم الإستعمار في بلاد المسلمين وبعد إقدامه على تفتيتتها الى دويلات متفرقة متناحرة جراء اتفاقية اقتسام الغنائم المعروفة باسم اتفاقية سايكس-بيكو ، وخدمة لمصالح إنجلترا الدولة الكبرى آنذاك سعى هؤلاء الى جمع هذه الدول في منظمة إقليمية تقوم على اساس وحدة العرق لا الدين فأنشؤوا ما أصبح يعرف بالجامعة العربية ، ويمثل هذا المشروع الإستعماري منفذاً للدول الكبرى الى الدول العربية وبديلاً عن أي وحدة حقيقية .

وعلى مدى العقود السابقة أدرك القاصي والداني عقم هذه الجامعة وانشغال أعضائها بخلافاتهم الداخلية وأنها لم تكن فاعلة إلا فيما يخدم قضايا المستعمر وخلاف ذلك فقراراتها ليست سوى مجرد نثر أو خطابات مبتذلة .

وما حمى المطالبة بعقد قمة عربية اليوم من بعض الحكام بشان أحداث غزة سوى حلقة من حلقات الصراع الممتد دولياً بين أعضاء هذه الجامعة وليس حباً أو شفقة على أهل غزة .

والجامعة العربية منظمة غير مشروعة إذ انها تقوم على أساس الحفاظ على سيادة كل دولة مع ان الإسلام يوجب إندماجها جميعاً في كيان واحد ويحرم ما يمسمى اليوم بالإستقلال ويحرم تكريس الوحدة والفرقة ، كما قال عليه السلام (من اتاكم وامركم جميع على رجل واحد يريد ان يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه كائناً من كان) ثم إنها تجعل أصل الرابطة فيما بينها هي العصبية القبلية وهو ما يعرف بالعروبة في حين يجعل الإسلام الأخوة قائمة على أساس العقيدة (إنما المؤمنون أخوة) .

من ذلك كله نخلص الى أن اللجوء الى مجلس الأمن أو الجامعة العربية يعد انتحاراً سياسياً وتضييعاً لدماء الشهداء وتضحياتهم وهو لجوء غير مشروع وتضييع للقضية برمتها، وإن خلاص غزة وفلسطين لا يكون بالتعامل معها كقضية مستقلة عن الأمة الإسلامية بل باعتبارها قضية للأمة الإسلامية ولا بد من التعاطي معها وفق أحكام الإسلام بإعتباره دين أهلها وشريعتهم، وإن تحرك جماهير المسلمين من أقصى الأرض الى أقصاها ليؤكد ان هذه القضية هي قضية المسلمين لا الفلسطينين فحسب وإن واجب المسلمين سيحتم عليهم التحرك عاجلاً غير آجل لتحرير غزة وفلسطين ، وسيأتي اليوم الذي تحرر فيه جحافل المسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وأكنافه من رجس يهود ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريباً .

ليست هناك تعليقات: