محاكمة قادة "إسرائيل" في المحكمة الدولية الجنائية إجراء حقوقي إنساني أم امتصاص نقمة ؟!

في كل فاجعة تلم بأهل فلسطين وفي ظل عجز الدول العربية على الرد على هذه المجازر والجرائم التي يرتكبها الكيان اليهودي المغتصب لأرض فلسطين ، أو قل في ظل تظاهر هذه الدول بالعجز ، تتعالى الأصوات هنا وهناك تدعوا الى ضرورة تقديم دعاوى ضد قادة الكيان اليهودي سيما القادة العسكريين منهم أمام المحاكم الدولية كالمحكمة الدولية الجنائية وبعض المحاكم الأوروبية التي تقبل مثل هذه الشكاوى كما حصل مؤخراً مع إسبانيا حيث قبلت النظر في دعاوى قدمت ضد بن العيزر وحلوتس بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية أثناء قصف طائرات يهود لغزة عام 2002 ، ويذكر أن لهذه المطالبات سوابق عدة ، منها مطالبة بعض الجماعات والجهات الدولية والانسانية بتقديم دعاوى ضد رئيس وزراء يهود السابق أرئيل شارون غير أن هذه الدعاوى لم تر النور من قبل .

وأمام المطالبات المتكررة لتقديم دعاوى ضد القادة العسكريين لكيان يهود عقب عدوانهم الغاشم على غزة ، وإزاء الجدل الدائر حول جدوى وفاعلية مثل هذه الدعاوى ، وأمام رفض البعض-من منطلق التخاذل والتبعية- تقديم دعاوى رسمية بحق زعماء هذا الكيان المغتصب ، وبعيداً عن حالة الترويج الإعلامي لهذه المحاكمات ، كان لا بد لنا من وقفة نضع فيها النقاط على الحروف ونضع هذه المطالبات ورفضها في سياقها الطبيعي ، ولأجل ذلك لا بد من ذكر الأمور التالية :

· إن المحكمة الدولية الجنائية ليست سوى أداة استعمارية تستخدمها القوى المؤثرة في صراع النفوذ فيما بينها وعادة ما تنظر هذه المحكمة في القضايا المتصلة بالدول محل الصراع وهي أداة أوروبية إذ انها أنشئت اعتماداً على وثيقة روما التي تواضعت عليها دول أوروبا وسوقتها عالمياً ، وقد رأينا هذا الاستخدام السياسي الرخيص لهذه المحكمة عبر تقديم دعوى ضد البشير وكان ذلك في سياق الصراع الأوروأمريكي على النفوذ في السودان ودارفور بينما تتجاهل هذه المحكمة الجرائم البشعة الحقيقية التي ترتكب ضد المسلمين في العراق وأفغانستان والشيشان وكشمير وغيرها.
· ثم إن الدول القائمة على هذه المحكمة والمتحكمة بقراراتها هي من أسست كيان يهود في فلسطين وهي التي تمد هذا الكيان بأسباب الحياة بل إنها تعتبر "إسرائيل" قاعدة عسكرية متقدمة لها في وسط بلاد المسلمين لذا نرى أن جميع السياسيين من أوروبيين وأمريكيين دائما ما يكررون إلتزامهم بأمن "إسرائيل" وتأكيدهم على حقها في الدفاع عن النفس ، فكيف يرجو عاقل الإنصاف من هذه الجهات وهي التي كانت السبب الرئيس وراء هذا الكيان ووراء ترسانته العكسرية فهل نستجير بالرمضاء من النار ؟!
· وأيضاً إن معظم هذه الدعاوى غالباً ما تأخذ سنيناً طويلة في الأخذ والرد ، هذا كله في حالة قبولها أصلاً ، والعقوبات التي يمكن ان تتمخض عن مثل هذه المحاكمات لا تعدو حبراً على ورق وإن نفذت كانت يسيرة كمنع أحدهم من السفر الى بلد ما أو السجن سنيناً معدودة وإن كانت قاسية فلا تعدو من أن تكون لعبة سياسية وضغطاً أرادت هذه القوى ممارسته على كيان يهود ضمن حدود مرسومة لا تتعداها.
· من ذلك كله يتضح لنا أن هذه المحاكمات ليست محاكمات قضائية إنسانية بل مجرد ألاعيب سياسية ، أو مجرد ألهية يتلهى بها العجائز الذين لا يملكون من أمرهم من قطمير ولكي يشغلوا بها الرأي العام في بلادهم عن المطالبات بالرد الحقيقي المعتبر والموازي لهذه المجازر ، وبرغم وجود رغبة جامحة عند البعض لتقديم زعماء هذا الكيان للمحاكمات وإدانتهم إلا أن الواقع ينطق بأن هذه المحاكمات لا تسمن ولا تغني من جوع .
· إن الرد الحقيقي على مجازر اليهود في فلسطين هو استئصال شأفة هذه الكيان والقضاء عليه قضاءاً مبرماً وإذا كان استصراخ أمرأة على الثغور للمعتصم قاده لتسيير جيش أوله في بغداد وآخره في عمورية ففتحها ، فلا ثمن لدماء المسلمين في غزة سوى القضاء على "اسرائيل" وتحرير فلسطين الأرض المباركة الطهور مسرى نبينا كاملة غير مجزأة وتلقين كل من أمد هذا الكيان بأسباب الحياة ويد العون درساً ينسيهم وساوس الشيطان ، وإذا كان الحكام العجائز أرادوا للأمة ان تتلهى بالمحكمة الجنائية الدولية تارة وبمجلس الأمن وقراراته الشريرة تارة أخرى فلا أوجب على الأمة من أن تقتلع عروش هؤلاء الطغاة العجائز حكام أنظمة الضرار وتستبدل بهم خليفة راشداً يقيم فيهم شرع الله ويسير بهم ومعهم لتحرير أرض المسرى وبقية بلاد المسلمين المحتلة (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا) .

ليست هناك تعليقات: