واقع حرية الرأي والتعبير لدى وسائل الإعلام في عصرنا الراهن

الإعلام في الميزان

واقع حرية الرأي والتعبير لدى وسائل الإعلام في عصرنا الراهن

بعد أن عاشت الأمة الإسلامية حالة من الاحتكار الحكومي لوسائل الإعلام ، وبعد أن أصبح الإعلام الحكومي فارغ المحتوى بلا جدوى في التأثير على فكر الناس وارائهم ، أطلت علينا الفضائيات بثوبها المخادع الذي يزيغ البصر فيظنها البسيط أنها تجسد ما أسموه التعددية والحيادية وما هي في حقيقتها سوى إلتفاف على وعي الأمة ومحاولة مواكبة تغير حالها لتجد السبيل والمنفذ للتأثير على عقول الناس وآرائهم ، ومن ضمن حملة التضليل التي تبنتها وسائل الإعلام لتروج بضاعتها تبني شعار " حرية الرأي والتعبير والرأي والرأي الآخر " وهو شعار يريد منه مطلقوه ومروجوه أن يجسدوا بزعمهم حرية الرأي والتعبير في الآراء الفكرية والسياسية وأن يروجوا لمفهوم التعددية وقبول الآخر .

وقبل الحديث عن أهداف هذا الطرح لا بد لنا من بيان موقف الإسلام مما أسموه حرية الرأي والتعبير. إن حرية الرأي والتعبير هي جزء من الحريات الاربع التي انبثقت عن المبدأ الرأسمالي ، فهذا المفهوم هو مفهوم غربي منبعه عقيدة فصل الدين عن الحياة وهو ينص على جواز أن يعبر الشخص عن رأيه في كل القضايا دون أية قيود سواء مست هذه القضايا معتقدات الآخرين ام عاداتهم أم تقاليدهم فله الحق في التعبير عن رأيه مهما كان وكيفما شاء بلا قيود ، وهذا المفهوم يتصادم مع الإسلام الذي يقيد المسلم بآراء لا بد أن يكون لها سند شرعي فلا يحل لمسلم أن يحمل آراءاً تناقض الاسلام او غير مستمدة من نصوصه ، فلا يحل له مثلاً ان يرى في الاجهاض مخرجا للمرأة الحامل التي لا تريد الانجاب ولا ان يحترم هذا الرأي ولا يحل له أن يعتبر قول الزور او الالحاد والشرك آراءاً تحترم ولا تنتقد ، فالمسلم مسؤول عن كل كلمة يتلفظها (مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) و هو ملزم بالشرع وليس له خيار (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) ، فحرية التعبير هذه لا تمت للإسلام بصلة .

ونظرة خاطفة لواقع وسائل الإعلام في عصرنا الراهن تتضح لنا الحقائق التالية:

أولاً : إن وسائل الإعلام في طرحها لما تسميه بحرية الرأي والتعبير ، توجه سهامها دوما بشكل صريح او بالتلميح للإسلام وحملته متهمة إياهم بالرجعية ورفض التعددية واحتكار الرأي وعدم قبول الآخر ، بينما الحقيقة تنطق أن وسائل الإعلام هذه تقصي حملة الدعوة المخلصين من على منابرها وتطلق العنان لأولئك الذين يحققون غاياتها وأهدافها ممن يجدون في تضليل الناس أو مهاجمة الإسلام وحملته همهم ومبتغاهم .

ثانياً : إن الترويج لحرية الرأي والتعبير وقبول الغير وقبول التعددية -على أي أساس كانت- إن الترويج لهذه المفاهيم في أوساط المسلمين يعد في حقيقته ضرب لمفاهيم الإسلام التي ترفض ما سواها لكون الإسلام الدين الحق وما سواه باطل ، فالقول بحرية الرأي والتعبير وبالرأي والرأي الآخر يساوي بين الحق والباطل وبين الإيمان والكفر وبين الهدى والضلال والنور والظلام .

ثالثاً : إن فكرة قبول الرأي الآخر واحترام آراء الغير قد اتخذت تكئة لتمرير كثير من الخيانات السياسية بدعوى أن اصحابها لهم رؤية ونظرة ولا يحق للآخر قمعهم وتجريمهم ووصفهم بالخيانة فكل واحد له رأيه وله نظرته ولا يملك شخص ان يملي على الغير ما يريد ، ولا يخفى على احد ان هذا الطرح ليس له هدف سوى تمرير المخططات والمؤامرات السياسية التي تحاك ضد الأمة الإسلامية.

رابعاً : تسعى وسائل الإعلام بطرقها واساليبها الشتى-تحت غطاء حرية الرأي والتعبير- الى الترويج لأصحاب الطروحات الهدامة والمناقضة للإسلام عبر استضافتهم المتكررة في كثير من برامجها للترويج لأفكارهم المسمومة.

خامساً : انخراط وسائل الإعلام فيما سمي بالحرب على الإرهاب مما جعل منها رأس حربة في محاربة الإسلام والمسلمين .

سادساً : كذب دعوى الحيادية واتباع وسائل الاعلام لسياسة منهجية تخدم اهداف واغراض سياسية لدول معينة ، ويظهر ذلك جلياً في تغطية وسائل الإعلام لأحداث ليست على مستوى التغطية وفي إهمالها لأحداث أخرى تملئ جوانب البلاد صدى وأهمية ، كما يظهر ذلك ايضاً في تبني وسائل الإعلام لوجهة نظر معينة فتسعى لإثباتها وبرهنتها خدمة لتوجهات أسيادها.

ومن كل ما ذكر نستطيع ان نجمل فنقول إن وسائل الإعلام في مرحلة ما اعتبره البعض انطلاقة إعلامية ، أي مرحلة ما سمي بحرية الصحافة التي اتخذت من حية التعبير و الرأي والرأي الآخر شعاراً لها كانت تهدف الى تحقيق أمور اهمها :

• محاربة الفكر الإسلامي الصحيح بصورة مباشرة أو غير مباشرة والعمل على تضليل الناس وحرفهم عن جادة الحق والعمل على طمس الحقائق وإقصاء حملة الدعوة المخلصين لئلا تسمع بهم الأمة وبطرحهم الذي يلامس عقول وقلوب المسلمين .

• خدمة المخططات الإستعمارية في المنطقة عبر الترويج لها بوسائل شتى تخفى على كثير من العوام .

• دخولها(وسائل الإعلام ) في صراع النفوذ في منطقة العالم الإسلامي ولعبها لدور فاعل في هذا الصراع .

و إزاء هذا كله كان لا بد للمسلمين ان يتنبهوا لدور وسائل الإعلام هذه وأن يدركوا خطرها ليتجنبوا سمومها ولئلا يقعوا في حبائلها ولئلا تنطلي عليهم خدعها التي لاهم لها سوى خدمة مصالح الكفار في بلاد المسلمين بخاصة وفي العالم بعامة .

ليست هناك تعليقات: