الإعلام والخلافة

بسم الله الرحمن الرحيم

الإعلام والخلافة

لقد باتت الخلافة محور حياة الأمة ومركز تنبهها ومحط انظارها وأملها في الخلاص من كل خطب ، ولا غرو في ذلك ، فبالخلافة وحدها تقام دار العدل وبالخلافة وحدها يقام الدين وبالخلافة وحدها يذاد عن حياض المسلمين وبالخلافة وحدها تحرر بلاد المسلمين وبالخلافة وحدها تحل قضايا المسلمين بشتى ضروبها فهي رأس الأمر لقضايا الأمة في هذا الزمان وهي قضية القضايا .

ولما كانت الخلافة بهذه المكانة كان حرياً بالأمة أن تبقى منشغلة بما يحقق هذه الغاية ويمهد السبيل للوصول لها وكان حرياً بها ان تبقى تمحص كل فكر وارد أو شارد في هذا الشأن حتى تأخذ بأحسنه وتنفي خبيثه فتسير في طريق عزها ونهضتها فتصل الى مبتغاها وتحقق نهضتها .

غير أن عدو الأمة يبقى يتربص بها الدوائر ويحيك لها المؤامرات والمكائد ليوقع الأمة فريسة أفكاره ومخططاته ليحرفها عن مبتغاها ويصدها عن سبيل عزتها فيأخذ بنفث سمومه في أرجائها من ديمقراطية وحريات و حقوق إنسان واستقلال واحترام سيادة القطر وحقوق الأطفال والعولمة واقتصاد السوق وغيرها وكل ذلك كي تبقى الأمة رهينة ما يمليه عليها من أفكار مضللة مخالفة لشرعها وعقيدتها ولكي تبقى الأمة بعيدة عن الفكر الحق الذي يأخذ بيدها نحو النهضة ويقودها الى درب العزة والكرامة .

وفي خضم ما تعيشه الأمة من محاولتها تلمس سبيل نهضتها ومن سعي الكفار الدائم لصدها عن ذلك تأتي أهمية وسائل الإعلام باعتبارها لاعباً رئيسا في تكوين وعي الناس والرأي العام فيهم ولأهميتها لا بل ولخطورتها حرص الكافر المستعمر على ان يبقى ظله جاثماً عليها ، فبدل ان يكون للإعلام دوراً فاعلاً ايجابيا نزيها وفق ما تمليه عليه معاير الإعلام المعلنة وبدل أن يكون للإعلام دوراً مؤثراً في نهضة الامة وفق ما يمليه الشرع على الإعلاميين والعاملين في وسائل الإعلام باعتبارهم جزءا مهماً من امتهم ، نرى -بكل آسف ومرارة- ان الإعلام في هذا الزمان بات سيفاً مصلتاً على رقاب الامة وبات جسراً لتحقيق أجندات الدول الكرتونية في العالم الإسلامي وبالتالي تحقيق اجندات الكافر المستعمر باعتبار هذه الدول ليست سوى دمية يحركها الكافر حيث يشاء ،
• فوسائل الإعلام في عصرنا الراهن ، تثير القضايا التي تخدم الكافر المستعمر وتكثف من طرحها لتقرع بها آذان الناس صباح مساء فتسهم في تشكيل وعي الناس وفق مقاسات الكفار مثل ما يزعم حول قضايا المرأة وما أكثرها حتى صارت من عجائب الدنيا السبع في الإعلام وذاكم التناقض الحاصل في التغطية الإعلامية المقلوبة لقضيتين متشابهتين بين ما يجري في لبنان وقضية نهر البارد وبين ما يجري في باكستان وقضية المسجد الأحمر،وما ذاك إلا مثالاً على تحيز الاعلام لأجندات خارجية .
• وفي سائل الاعلام نجد قضية الخلافة غائبة من قاموسها الإعلامي ولا تكاد تطرق أسماع الناس بما يمت لهذه القضية المصيرية بذي شأن بل إنها –وللأسف- حينما تتناولها نادراً تتناولها بشكل منفر وسلبي علماً بأن الخلافة قد ملأت أرجاء المعمورة قروناً طويلة نوراً اضاء ظلمات الكون الفسيح وليست الأمة الإسلامية الممتدة الأطراف عبر القارات إلا شاهداً على عظم هذه الدولة ومكانتها وليست قضية الخلافة سوى قضية الأمة وفكرها بل إن تاريخ الأمة الإسلامية لا يعدو كونه تاريخ الخلافة فالأمة لم تعش دون خلافة إلاّ هنيهة من تاريخها ، فما سبب هذا التهميش لقضية بهذا الوزن ؟ وما سبب الحصار الإعلامي المضروب على قضية الخلافة ودعاتها ، حتى وصل الحال بوسائل الإعلام أن تتخطى أحداثاً جساماً تتعلق بقضية الخلافة ودعاتها بينما تتناول قضايا لا أقول اقل شأناً منها بل لا شأن لها وتفرد لها الساعات الطوال ، فأيهما أحق يا أهل الإعلام قضية أمتكم المصيرية أم توافه الأمور ؟ أيهما أحق يا أهل الإعلام بالتغطية أن يعتقل ألف أو يزيد من أمتكم لسعيهم الدؤوب لإنقاذ أمتهم عبر إقامة الخلافة أم اعتقال شخص يدعو لحقوق الانسان بزعمه وهو في الحقيقة لا يعدو كونه عميلا سياسياً للكافر المستعمر ؟ أيهما أحق شباب في كل بلاد المسلمين وفي كل العالم يخوضون كفاحاً وصراعاً مريراً مع الغرب والحكام عشرات السنين ويتعرضون لكل صنوف الأذى والاضطهاد أم داعية للديمقراطية في بلادنا يجلس على مكتب في باريس أو لندن أو واشنطن ؟ أيهما أحق حزب مبدئي وحيد يتصدى لقيادة امته عبر العالم كله بشبابه يمشون بين الناس أم إعلان من جماعة لا تعرف على الانترنت ؟


إن الخلافة ودعوتها وحملتها هم أمل الأمة وسبب عودتها عزيزة منيعة، لذا يسعى الكافر المستعمر ليميلي على الإعلام أجندات تحول بين الأمة وقضيتها المصيرية وليحول بين الأمة ورواد نهضتها ، لذا فلا زال الإعلام يقصي قضية الخلافة ودعاتها من على أبوابه ويظهر ذلك جلياً في إقصاء الخلافة ودعوتها عن أي ذكر على الرغم من أن دعوة الخلافة -وبحمد الله- لها وجود عالمي تجاوز الأوطان والأقطار ووجود دعوة الخلافة ماثل للعيان في جاكارتا في أقاصي الشرق التي يعقد فيها يوم غدٍ أكبر مؤتمر عالمي حاشد للخلافة ، لم يعقد له مثيل منذ هدم الخلافة ، الى الرباط في أقاصي الغرب من بلاد المسلمين وحتى أصبح لها وجود قوي ومؤثر في الجاليات الإسلامية في عقر دار الغرب وبين أظهر دول الشر في الشرق والغرب من موسكو الى واشنطن مرورا بلندن وبرلين ، فعلى الرغم من هذا الوجود العالمي لدعوة الخلافة وعلى الرغم من الفعاليات والمؤتمرات والممثلين الإعلاميين ووجود المكاتب الإعلامية لهذه الدعوة إلا أنها لازالت تعيش طوقاً إعلامياً مريراً ، وتلكم فاجعة أنديجان مثالاً كيف تعامل معها الإعلام على استحياء تلك الفاجعة التي اصابت الالاف من حملة دعوة الخلافة ومن التف حولها من جماهير الأمة في اوزبكستان ، وتلك حادثة وفاة كل من الشيخ تقي الدين النبهاني والأمير عبد القديم زلوم اللذان يعدان من مجددي دين هذه الأمة في عصرنا الراهن وكيف أغفل الإعلام وفاتهما ولم يمر عليه حتى مرور الكرام بينما يتوقف الإعلام ساعات وساعات على خبر وفاة عميل سياسي هنا أو هناك أو قل على ممثلة أو راقصة ماجنة.




إن قضية الخلافة وإن غيبت عبر وسائل الإعلام لكنها حاضرة في قلوب الأمة وها هي يوماً بعد يوم تزداد التفافاً حول العاملين لها وهذا الجمع المبارك خير شاهد على ذلك ، ولن يطول الزمان بالامة-بإذن الله-حتى تأخذ زمام أمرها فتعيد رمز عزتها وكرامتها ، لذا وإزاء هذه الحقيقة التي نراها رأي العين فإننا نتوجه لأهل الإعلام ولمن كان له تأثير عليهم نتوجه لهم مخاطبين ، يا أهل الإعلام :
إنكم اليوم على محك خطير سيسجل في صفحاتكم فإما أن تملؤها بالسواد وإما أن تكللوها بناصع الأعمال فإما ان تستمروا في حصاركم الإعلامي على قضية الخلافة ودعاتها و أما أن تنحازوا لجانب أمتكم ولقضيتها فأنتم من أبنائها فمصابها مصابكم وقضيتها قضيتكم وأنتم قد مكنكم الله من منابر الإعلام فسخروها لخدمة قضية أمتكم واجعلوا قضية الخلافة قضية نقاش وجدال، الحجة بالحجة والدليل الشرعي بالدليل الشرعي، حتى ينجلي أمر الخلافة لكل مسلم ولا أقل من أن توظفوا أقلامكم وعدسات كاميراتكم لتغطية تطورات قضية الخلافة ونشاطات وفعاليات دعاتها ، فالخلافة ليست قضية حزب معين أو جماعة ما بل هي –والله- قضية الأمة بكافة شرائحها ، فأين حملكم لمسؤولية أمتكم ؟ أين حملكم لهّمها ؟ لذا فإننا نستثير فيكم إسلامكم ونستصرخ فيكم إيمانكم فكونوا ممن يذود عن هذا الدين وأهله ولا تكونوا عوناً للكافر المستعمر في حربه المستعرة على أمتكم ، كونوا كنُعيم بن مسعود في ذوده عن هذا الدين ولا تكونوا كالنضر بن الحارث في حربه للإسلام وفي ترويجه للدعايات المضللة ضده حتى أنزل الله في حقه (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ)

فيا أهل الإعلام كونوا أنصاراً لقضية أمتكم فبها بإذن الله تحيون وتعزون .

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)

ليست هناك تعليقات: