تحرير الأسرى أم تحرير فلسطين ؟!

تحرير الأسرى أم تحرير فلسطين ؟!

طالعتنا الأنباء عن خبر موافقة "اسرائيل" على إطلاق سراح 200 أسير فلسطيني من سجون الإحتلال وقد ضمت هذه القائمة بعض محكومي المدد الطويلة كسعيد العتبة وأبو علي يطا ، وبعضهم تبقى لهم بضع سنين والغالبية العظمى منهم لم يتبق لهم على إنهاء محكوميتهم سوى أشهر قليلة أو سنة واحدة على الأكثر ، وقبل الخوض في تداعيات الحدث وردود الفعل تجاهه أود التقدم الى كل أسير قد رأى النور من بعد سني الظلم والمعاناة ولأهله ولأحبائه بأسمى آيات التهنئة والتبريك سائلاً المولى سبحانه أن يكون ما قدموه من تضحيات في ميزان حسناتهم وأن لا يحرمهم أجره وأن يعجّل لإخوانهم الرابضين خلف القضبان بالفرج والخلاص عما قريب إنه سبحانه ولي ذلك والقادر عليه .

وعوداً على بدء فقد كثرت ردود الفعل وطالت واستطالت حول هذا الحدث ، فبعضهم وصفه بالإنجاز للقيادة الفلسطينية وبعضهم وصفه ببادرة حسن النية وبعضهم ذمه لأنه شمل أسرى فصائل دون أخرى وآخر إعتبره مفرقاً للشعب الفلسطيني والى غير ذلك من ردود الفعل المختلفة والمتباينة ، والذي أود الوقوف عليه في هذه العجالة في خضم هذا الحدث أموراً عدة رأيت من المناسب التذكير بها حتى لا تندرس مع مرور السنين والأيام ، فتغيب عن الأذهان كما غُيبت عن الواقع ، فمن تتبع الشأن الفلسطيني يجد :
• أن قضية الأسرى أصبحت قضية تكاد تكون منفصلة عن أساس القضية الفلسطينية والتي تكمن في تحرير الأرض وتخليصها من السرطان الذي أصابها وجثم على صدرها والمسمى "اسرائيل" فأصبحت هذه القضية قضية قائمة بذاتها دون أن يلتفت الى أن هؤلاء الأسرى ومن قبلهم الشهداء قد قدموا التضحيات لتحرير فلسطين وتخليصها من هذا الإحتلال لا لكي يكونوا هم القضية ويتم التغافل عن هدفهم ومبتغاهم فيكون شأنهم ملهاة عن أصل القضية وعاملاً على تضييعها والتفريط فيها بدل استرجاعها كاملة غير منقوصة وردها لحضن ديار المسلمين .
• كما يلاحظ من طبيعة تعامل القيادة الفلسطينية مع هذا الحدث مدى إنخفاض سقف تطلعات هذه القيادة التي لم تعد تجد ما تقدمه لأهل فلسطين المنكوبين سوى إطلاق سراح بعض المعتقلين هنا أو هناك أو إعادة لم شمل بعض العائلات أو وعودات بإزالة حاجز أو حاجزين أو غير ذلك مما لا يصح ان يدون ضمن قائمة إنجازات قيادة لشعب نهبت أرضه كاملة وقتل وشرد وديست كرامته بالتراب ، فمن انصف القول وجد ما تقدمه القيادة الفلسطينية لشعبها ليس سوى فتات الفتات .
• ولا يخفى على كل بصير أن دولة يهود لا تقدم شيئاً لأهل فلسطين دون ثمن بل هي تدخر الكثير الكثير من معاناة أهل فلسطين لتتخذ من هذه المعاناة محل تفاوض متوسط أو طويل الأجل وبالتالي تساوم القيادة الفلسطينية على مسائل أهم وقضايا أعمق فتتخذ من تخفيف بعض المعاناة غطاءاً لتمرير التنازلات تجاه ما يسمى بالخطوط الحمراء التي لم تبق منها سوى اسمها .
• إن نهج التفاوض مع المحتل والإعتراف به والجلوس معه والرضى بالسير في المخططات الدولية للمنطقة هو من قاد هذه البلاد ومن فيها من العباد الى هذه الحال لذا فالاستمرار في نفس النهج سيقود حتماً بلا إجتهاد أو تأويل كلام الى مزيد من التردي والإنحدار .
• إن قضية فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين لم تكن يوماً عبر تاريخ الأمة شأناً داخلياً لأهلها بل كانت قضية للأمة الإسلامية جميعها ولم تخرج علينا هذه الدعوات سوى بعد فرقة الأمة وتقسيمها إرباً متعددة بعيد إتفاق سايكس-بيكو المشؤوم ، لذا كان على من يريد خيراً لهذه القضية أن يعيدها لسالف عهدها قضية للأمة الإسلامية وأن ينتزعها من أحضان من أنسوا بالمستعمر ورضوا بالشرعة والمخططات الدولية .
• إن مواقف المسلمين عبر ناريخ الأمة تجاه بيت المقدس وأكنافه تنطق بها حجارة المسجد الأقصى وصفد وعكا والرملة ، تنطق بفتحها على يد الفاروق وتحريرها على يد صلاح الدين وحفظها وعدم تضييعها على يد السلطان عبد الحميد ، لذا حري بأهل فلسطين أن يكونوا لبنة في إقامة صرح الخلافة التي تعيد تحرير فلسطين كاملة وتستأصل شافة يهود وتحرر جميع أسرى المسلمين.

ليست هناك تعليقات: